غوا العتيقة ـ المدينة المهجورة

لشبونة الشرق وجوهرة البرتغاليين في الهند. كانت مركز الهيمنة البرتغالية على القارة الآسيوية و مفتاح سيطرتهم على تجارة التوابل.
بعد عز دام زهاء قرنين، هجر السكان المدينة فرارا من وباء الطاعون. فأصبحت المدينة قفارا لم يبق فيها سوى كنائس شاهدة على ماض مجيد.
قبل أن يدخلها البرتغاليون بقيادة ألفونسو ألبوكيرك، كانت غوا جزءا من سلطنة بيجبور، التي يعود تأسيس المدينة إليها في القرن الخامس عشر كمرفئ على نهر ماندوفي.
تعد غوا العتيقة اليوم موقعا أثريا و تندرج بكنائسها في قائمة الثرات العالمي لليونسكو.

كنيسة سان فرنسيس الأسيزي Saint Francis of Assisi

ابدأ زيارتك من هنا!  من حيث انطلق أول المبشرين في غوا.

بعد استيطان البرتغاليين في غوا، حضر إليها فريق من الفرانسيسكان،الذين كانوا أول المبشرين الذين حلوا بالهند. شيدوا بها سنة 1661 كنيسة تيمنا بالقديس فرانسيس الأسيزي.

سان فرانسيس الأسيزي، نسبة إلى مدينة أسيزي الإيطالية حيث ولد، قديس ارتضى لنفسه حياة فقر و بساطة وهبها لمساعدة الفقراء و المرضى المنبوذين (مرضى الجدام/البرص). بعد أن عاش حياة ترف و صخب في سنينه الأولى نذر نفسه لحياة الفقر و البساطة إسوة بالسيد المسيح.
كان يجني قوت يومه من العمل اليدوي أو الصدقات. التف حوله عدد ن الشباب الذين تأثروا بنمط حياته، مؤسسين بذلك نواة الأخوية الفرنسيسكانية.
يعد سان فرانسيس الأسيزي أيضا شفيعا للحيوانات لدفاعه عنها. و تم اختيار الرابع من أكتوبر، يوم إحياء ذكراه، يوما دوليا للحيوانات.

داخل مبنى الكنيسة، نقوش خشبية و زخارف على الجدران و السقف، تمثال سان فرانسيس الأسيزي، مشاهد من حياته و شواهد قبور عديدة على الأرضية.

كاتدرائية سانت كاترين Cathedrale of Saint Catherine

تكاد تكون ملاصقة لكنيسة سان فرنسيس الأسيزي. مدخلها الرئيسي في الوجه المعاكس على بعد بضعة أمتار.تعرف أيضا باسم “Se Cathedral”.

بنيت إحياء لذكرى انتصار الجنرال البرتغالي ألفونسو ألبوكيرك على جيش عادل شاه، سلطان بايجبور. كُرّسَت للقديسة كاترين الإسكندرانية التي وقع الإنتصار في يومها.
درست سانت كاترين الفلسفة و اللاهوت و عرف عنها حكمتها و عقلها. يوجد رفاتها اليوم بدير سانت كاترين في سيناء (مصر).

للمبنى الأصلي برجان، انهار أحدهما سنة 1776م فيما بقي الثاني إلى يومنا هذا.

كنيسة سان كاجتان Church of Saint Cajetan

بعد زيارة كاتدرائية سانت كاترين، لا تعد أدراجك إلى وسط غوا حيث المطاعم ودكاكين بيع الذكريات. بل واصل المشي ضد التيار، و ابتعد في اتجاه اليسار. انعطف يمينا ،ستستقبلك حديقة شاسعة عند طرفها مبنى كنيسة سان كاجتان.

بنيت على نموذج كنيسة سان بيتر في روما في القرن السابع عشر. نلاحظ أعمدتها في الواجهة و الداخل التي بنيت على النظام الكورنثي. [تعرف على أنظمة الهندسة اليونانية في وادي المعابد]

لا تتردد في التجول في حديقتها و اكتشاف ما تخفيه بين ظلالها.

بوابة قصر عادل شاه

ستجد هذه البوابة في حديقة كنيسة سان كاجتان، تكاد تختبئ بين أشجارها الكثيفة.

بوابة قصر عادل شاه، سلطان بيجبور، الذي كان مقر إقامة الحاكم البرتغالي. هي كل ما تبقى من ذلك القصر بعد أن تم تدميره بأمر من السلطات سنة 1620 م.

قوس النصر

عند مغادرتك لكنيسة سان كاجتان، انعطف يمينا باتجاه المجرى المائي. ستجد قوسا يتوسط الطريق المؤدية إلى المرفئ. إنه قوس النصر!

تم بناء قوس النصر سنة 1559 تخليدا لذكرى انتصار البرتغاليين في غوا. على الجهة الموالية للنهر، تمثال للرحالة فاسكو دا غاما Vasco da Gama. و على الجهة الأخرى تمثال لسانت كاترين. ليس بجمال و رونق أقواس قد تشاهدها في مدن أخرى، لكن أهميته في دلالته التاريخية.

كنيسة بوم يسوع Basilica of Bom Jesus

عند وصولك إلى غوا، لا يمكن أن تخطأها عينك. فهي الكنيسة الوحيدة التي لا يعلو جدرانها الخارجية جبس أبيض. تتميز بلونها الأحمر الداكن. بنيت على الطراز الباروكي و تعد واحدا من أهم المزارات الكاثوليكية في الهند.و يعني اسمها حرفيا “كنيسة يسوع الطيب”.

تحتضن الكنيسة جثمان القديس فرنسيس كسفاريوس Francis Xavier الذي يعرض جثمانه للعموم كل 10 سنوات.

سان فرنسيس كسفاريوس واحد من المبشرين الذين قدموا مع الإنتشار البرتغالي بآسيا و كان له دور كبير في نشر المسيحية بالهند و اليابان و أرخبيل الملايو (ماليزيا وأندونيسيا حاليا). كان من أوائل المنضمين إلى رهبانية اليسوعيين.
وصل سان فرنسيس كسفاريوس إلى غوا سنة 1542 م و سار يجوب قرى الجنوب الهندي طوال ثلاث سنوات بين الفقراء و الصيادين مبشرا. و قام بتعميد الآلاف منهم. في طريقه للصين لمواصلة مهمته، توفي جراء حمى سنة 1552م على جزيرة سان شوان و دفن بها، إلى أن تم نقل جثمانه (على مراحل) إلى غوا.

كنيسة سانتا مونيكا Church of Santa Monica

على اسم سانت مونيكا والدة سان أوغيستين. ملحقة بالدير الذي يحمل نفس الإسم و الذي كان الدير الوحيد المخصص للراهبات  في غوا.

في داخل الكنيسة بعض النقوشات  النادرة المتبقية من العهد البرتغالي. ستذكرك حتما بمعالم لشبونة و زخارفها.

كنيسة   Our Lady of the Rosary

تقع هذه الكنيسة في مكان بعيد نوعا ما عن باقي المآثر في وسط غوا. ربما كان هذا السبب الذي جعلها أقل شهرة و تعرضا لجموع الزائرين. بالنسبة لي كانت أجمل الكنائس التي زرتها على الإطلاق في غوا. بناؤها بسيط و يسودها هدوء مريح.

بنيت من قِبَل ألفونسو ألبوكيرك بين 1544 و 1547. من أقدم الأبنية في غوا التي لم يطرأ عليها تغيير كبير منذ إنشائها. ما يفسر بساطة البناء عكس باقي الكنائس في غوا. تذكر أقواسها بالطراز المعماري المانويلي  و زخارفها بمعالم لشبونة.

وراء الكنيسة، إطلالة جميلة على مرفئ غوا و المجرى المائي لنهر ماندوفي.

برج كنيسة سان اوغستين Saint Augustine Tower

لم يتبق من هذه الكنيسة التي بنيت في أعلى تلة تشرف على غوا، سوى برجها. تعود إلى بداية القرن السابع عشر حيث بناها الأوغسطيون (نسبة إلى سان أوغسطينس Saint Augustine).

هجرت الكنيسة في القرن التاسع عشر بعد أن بدأت السلطات في غوا تضييق الحصار على الجماعات الدينية و طردها. و ما لبثت أن تعرضت للدمار و تهاوت. نقل جرسها إلى كنيسة السيدة العذراء في بانجيم. كانت تعد حين إنشائها ثالث أروع كنائس العالم الإيبيري (مع كنيسة الإسكوريال في إسبانيا و سان فيسنتي دي فورا في لشبونة).

لم يتبق من هذه الكنيسة سوى أطلال يمكن التجوال بينها و تخيل ما كانت عليه من بهاء.

خريطة معالم غوا العتيقة